Hashi, Abdurezak Abdulahi
(2015)
موسوعة الطّلاب المختصرة للعقائد والأديان (Mawsu'at al-thullab al-mukhtasara lil a'qaid wala'dyan).
Dar al kotob al ilmiyah and IIUM PRESS, Beirut , Lebanon.
ISBN 9782745184955
Abstract
التّدين ظاهرة مشتركة بين الأمم والشّعوب، وفكرة مشاعة لم تخل منها أمة من الأمم قديماً وحديثاً، بغض النظر عن اختلاف المظاهر الدينيّة؛ بل إن الأديان كانت ولا زالت تمثِّل العمود الفقريّ لبناء أنماط الحياة وتأسيس الحضارات وتشييدها في كثيرٍ من المجتمعات البشريّة. فظاهرة التّدين ظاهرة رافقت حياة الإنسان منذ عصورها الأولى، استرشد بها الإنسان، واستنار بها في صراعه مع الطبيعة والحياة. وبناءً على الحفريات الأثرية التي تركها الإنسان الأول، ذهب البعض إلى الجزم بإمكانيّة الحصول على مجتمعات بشريّة غير حضاريّة، بينما لا يمكن الحصول على مجتمعات ليست لديها أفكار أو معتقدات دينيّة. ومما هو ملفت للنظر أيضاً، أن الظّاهرة الدينيّة ظاهرة يتجدد حضورها في الواقع البشريّ، ولا ينقطع عطاؤها للإنسان، وكلّما انصرف الإنسان إلى غيرها من مصادر المعرفة، أو تَنَكَّرَ للدين، وتمادى في جحدها وإنكارها، أو تناسيها في خضم نجاحاته الحضارية وأشغال العمران، عاد إليها مرة أخرى متزودًا منها لمواجهة معاركه مع الحياة؛ مما جعل الدين جزءًا لا يتجزّأ من فكر الإنسان وكيانه. وبغض النّظر عن الرؤية العدائيّة للدّين –كل الدّين- التي سادت في بعض الأوساط الفكريّة والمعرفيّة الأوروبيّة في القرنين الماضيّين والتي ترى ضرورة إبعاد الدّين عن الحياة، يظلّ الدّين –في رأي بعض علماء مؤرخة الأديان- المنبع الرئيس لبناء التّصورات وأنماط الحياة البشريّة في كثير من شعوب العالم، مما جعل الدين جزاً لا يتجزء من كيان الإنسان وتراثه الحضاري -قديماً وحديثاً، وبناءً عليه ذهب البعض إلى أن الدين: "أعلى مظاهر الطبيعة الإنسانيّة، وأكثرها جاذبيّة".
وبما أننا نعيش اليوم في قرية كونيّة تتفاعل فيها المجتمعات البشريّة بشكل لم يعد للحدود الجغرافيّة أن تؤدي دورها التّقليديّ في تحديد الهويّة الفكريّة والثقافيّة للفرد، أصبح التعايش السّلميّ والتّفاهم المشترك، وبناء الجسور وسبل السّلام بين أبناء القرية الكونيّة أمر ضروري لوجود الإنسان وسلامته. لكن كما أشار البعض من مؤرخة الأديان أمثال الكاتب اللاهوتيّ المسيحيّ هانز كونغ (H. Kung)، والمرحوم الأستاذ عرفان عبد الحميد فتاح، إن إيجاد تفاهم مشترك وبناء الجسور بين أبناء القرية الكونيّة أمر صعب المنال مالم تسبقه عمليّة جادّة في دراسة أصول الأديان وخصائص معتقدات الشعوب.
من هنا، تأتي أهمية دراسة الأديان، وبالذّات تلك الأديان الحاضرة في مجتمعاتنا المعاصرة. وهذه الموسوعة تقدم عرضاً موجزاً عن عقائد وأديان العالم الكبرى التي أثرت في مصيرة الحياة البشريّة، في الماضي والحاضر، كان القصد منها اختصار الموضوع لطالب علم مقارنة الأديان، وعليه لم نورد التّفاصيل العقديّة واللّاهوتيّة لهذه الأديان، ولم نذكر الفوارق الفكريّة والأخلاقيّة بينهم، الواردة في الكتب المطولة لأهل العلم عن هذه الديانات. وإلى جانب المقدمة والتمهيد الذي احتوى عرضاً موجزاً عن الدّراسات المفيدة في مجال الدرس المقارن للأديان، أبتداء من الدراسات الحديثة وانتهاءً إلى الدراسات التراثيّة القديمة، خاصّة تلك الدراسات التي تمت مطالعتها في فترة اعداد هذه الموسوعة، تضمنت هذه الموسوعة على ثلاثة محاور رئيسة؛ المحور الأول يحتوي على ثلاثة فصول، قدم الفصل الأول منها تحليلاً مقارناً لمفاهيم دينيّة-فلسفيّة ذات مضامين عقديّة. وحوى الفصل الثّاني عرضاً سريعاً عن مفهوم التّدين والدّين، وقدم الفصل الثّالث التّحليلات المتعلقةّ بظاهرة التّدين لدى الإنسان، خاصّة ما إذا كان التّدين ظاهرة مكتسبة، اكتسبها الإنسان بعد البلوغ والتّطور الفكريّ أم هي جزء من كيانه الطبيعيّ الأصيل. واحتوى المحور الثّاني من هذه الموسوعة على سبعة فصول عن الأديان الشرقيّة، تناول الفصل الأول منها الدّيانة الهندوسيّة من حيث تاريخ تأسيسها وتعريف معتقداتها، كما تناول الفصلين الثاني والثالث معتقدات ديانتي الجينيّة والبوذيّة وتاريخ تأسيسهما وعلاقتهما بالهندوسيّة. واشتمل الفصلين الرابع والخامس على تعريف التاويّة والكونفوشيوسيّة وتأثيريهما في مصيرة التّاريخ الفكريّ والثقافيّ للمجتمع الصينيّ. أما الفصل السادس فقد انبرى يناقش بشكل موجز وسريع الديانة الشنتويّة ومكانتها في اليابان، بينما تناول الفصل السابع الديانة الزرادشتية وعقائدها المبنيّة على الثّانويّة وتأثيرها في الحضارة الفارسيّة والمناطق المجاورة لها. وتضمن الممحور الثالث من هذه الموسوعة على ثلاثة فصول، تناولت-بشيء من التّفصيل- الدّيانات الإبراهيميّة؛ اليهوديّة، والمسيحيّة، والإسلام.
هذا ولم يكن يعنيني في هذه الموسوعة أن استقصي الأحداث التّاريخيّة، ولا أن احصي تفاصيل المعتقدات والأفكار الدينيّة لكل دين؛ أنصرفت عنايتي إلى تقديم الخطوط العريضة، والاتجاهات الرئيسة، والقضايا الأساسية للمعتقدات والأديان التي ورد ذكرها في هذه الموسوعة، وأرجو أن أكون موفقاً في عرض الأفكار على الوجه الذي يفيد طالب العلم. فإن وفقت –وهو المرجو- فلله الحمد كله، وإلا فحسبي أني بذلت جهدي في إنجاز هذا العمل المتواضع، وعمل المرء مرهون بالاستطاعة.
والله أرجوا أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه، وأن ينفع به الجميع. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
عبد الرزاق عبد الله حاش
ماليزيا، جنوب شرق آسيا
مايو 2014م
Actions (login required)
|
View Item |