أستاذ مشارك في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا

Email: nikman@iium.edu.my
نحو تحقيق السلام العالمي بالثقافة التكاملية

عرف القرن الحادي والعشرون بعصر العولمة، العصر الذي فيه خصائص السرعة والدقة والنظام والابتكار، عصر التخصص الدقيق، وعصر الرقمية، أوعصر الثورة المعلوماتية أو تقنيات الاتصالات والمعلومات. تكون الكرة الأرضية قرية عالمية صغيرة، إذ يتجول الإنسان عبر الإنترنت حيثما يشاء أن يذهب إليه بدون جواز سفر، فيكسب المعلومات الوفيرة بسرعة فائقة من هذه الآفاق الرحيبة سواء من خلال الإنترنت أو محطات التلفزيون عبر الأقمار الصناعية.

          هل نحن المسلمين مجهزون بالعلوم والتقنيات الحديثة والمهارات الفنية العالية حتى لا نتخلف عن ركب الحضارة الحديثة؟ هل قامت وزارات التعليم في البلدان الإسلامية بإعداد مناهج دراسية جديدة لإعداد كوادرها وتخريج خبرائها من ذوي الكفاءات الرفيعة المستوى، حتى يكونوا قادرين على مسايرة التطور الحديث؟

          فإن كانت بعض الدول الإسلامية في الشرق الأوسط أو في آسـيا أو بعض المجتمعات الإسلامية في أوربا وأمريكا تسعى نحو مواكبة العصر والتقنيات الحديثة، فلا ينبغي لهذه المجتمعات أن تنبهر ببريق هذا الجديد وتنسلخ عما عندهم من تراث وحضارة وثقافة. إن هويتنا تكمن في تمسكّنا بالإسلام وما في تعاليم القرآن وأحاديث الرسول (ص). إن قصّرنا في الفهم الصحيح لمطالب ديننا الحنيف في الماضي بسبب الاستعمار، فلا حجة لنا إن وجدنا أنفسنا قاصرين في فهم الإسلام الصحيح وتطبيق تعاليمه بعد استقلالنا من الاستعمار. لا عذر لنا إذن ونحن نعيش في ظروف الاستقلال أن تبقى نفوسنا في هزيمة وتراجع. الإسلام الذي يعلو ولا يعلى عليه هو النظام الذي يشمل جوانب الحياة كلها، فهو دولة وحكم، وسياسة واقتصاد، وجيش وفكرة، وثروة وغنى، وعلم وثقافة، وتربية وفن، ودنيا وآخرة، كما هو خلق وعبادة وعقيدة. هذا المفهوم الشامل يتطلب منا إعادة النظر في تصوراتنا للحياة وتصحيح مفاهيمنا للإسلام.

          ينبغى لعلماء الأمة ومفكريهم أن ينهضوا ويصححوا المفاهيم الخاطئة نحو الإسلام، سواء في أوساط المسلمين أو غير المسلمين. مازال هناك ناس من الأمة ينظرون إلى أن "العلماء" محصورون في رجال العلوم الشرعية المحضة. وأما المتخصصون والخبراء والمفكرون في العلوم الطبيعية والكونية فهم ليسوا بعلماء. على هذا، يقتصر العمل الإسلامي والتوعية والدعوة على رجال العلوم الشرعية والأصولية فحسب دون مشاركة فئات أخرى من المثقفين المسلمين. فهذا قصور في الفهم والتطبيق للإسلام. إن استمر هذا الوضع الخاطئ في الفهم والتصور تبقى الأمة متخلفة إلى الأبد، ويبقى الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه وتقصير نجبائه. فانتظروا الساعة وترقبوا استعمارا جديدا على البلاد الإسلامية. وفعلا قد وقعت الويلات في الأمة بسبب الجهل والأمية والصراعات والخلافات.

          يقول الله تعالى في وصف العلماء في سورة فاطر ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ- الآية 28). من هم العلماء الذين تنحصر فيهم صفة الخشية والخوف من الله عز وجل؟ هل هم المتخصصون في العقيدة أو الحلال والحرام فحسب كما يفهمه عوام الناس؟ اقرؤوا الآية وما قبلها. الآيتان تتحدثان عن الظواهر أو الآيات الكونية والطبيعية: السماء، والمطر، والماء، والنبات، والإنسان، والحيوان، والجبل. هذه علوم طبيعية كونية حيوية إنسانية، عن الفضاء والإنسان والحيوان والنبات والجماد، وليس فيها تحديد ضيق لمفهوم العلماء. فمن درس  هذه العلوم يكتشف معلومات تثبت قدرات الله وعظيم خلقه وإحكام صنعه. فبها تقشعر الجلود وتخضع الرقاب تعظيما لقدرة الله عز وجل وخوفا من عقابه. فأي علم يورث الخوف من الله والتقرب إليه ويجنبه من معصيته فهو علم نافع، فصاحبه من العلماء. فلماذا حصرنا العلم والعلماء في العلوم الشرعية ورجالها؟

          وأورد الدكتور وهبة الزحيلي في التفسير المنير كلاما واضحا في تفسير تلك الآيات قائلا: "إنما يخاف الله بالغيب العالمون به، وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة، ومنها عظيم قدرته على صنع ما يشاء وفعل ما يريد، فمن كان أعلم بالله، كان أخشاهم له، ومن لم يخش الله فليس بعالم، والمراد به العالم بعلوم الطبيعة والحياة وأسرار الكون". ثم أكد بقوله "إن العلماء بطبيعة الكون ودقائقه، وبصفات الله وأفعاله، هم الذين يخافون قدرته، فمن علم أنه عز وجل قدير أيقن بمعاقبته على المعصية، ومن لم يخش الله فليس بعالم". قال ابن عباس: (العالم بالرحمن من لم يشرك به شيئا، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، وحفظ وصيته، وأيقن أنه ملاقيه، ومحاسب بعمله). وقال سعيد بن جبير: (الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية). وقال مالك: (إن العلم ليس بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يجعله الله في القلب).

         إن  الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا قدمت واحدة من التجارب الفريدة في العالم الإسلامي، إذ وضعت في فلسفتها ورؤيتها ورسالتها أن الله سبحانه تعالى مصدر العلم والمعرفة، والإنسان عبد لله وخليفته في الأرض، يقوم برسالة التوحيد وتطبيق أحكامه، وتعمير هذه الأرض بالبحث والتنقيب  لغرض سعادة الدارين، فتصبح هناك معارف الوحي أساسا لدراسة سنة الكون من خلال العلوم الإنسانية والطبيعية والتقنية الأخرى. فالتزاوج المعرفي بين العلمين (الوحي والعقل) يخرّج جيلا جديدا مزودا بالمعرفة الإسلامية الصحيحة، والنظرة العالمية الشاملة، ومهارات عصرية عالية من الكفاءات اللغوية والاتصالية والخصائص القيادية، مما يؤهلهم لتوجيه الأمة نحو المسار الصحيح في الصراع الحضاري المعاصر. نعم، نواكب العصر بما فيه من العلوم والثقافات والتقنيات والمهارات، ولكن مع احتفاظنا بما عندنا من معارف الوحي والتراث الصالح والخلق الحسن.

          اليوم نرى جيلا جديدا من شباب الأمة أكثر من مائة جنسية يتجمعون في هذه الجامعة الفتية لطلب المعرفة والتقنية الحديثة، وهم متخصصون في مجالات شتى كالطب، والهندسة، والهندسة المعمارية، والاقتصاد، والمحاسبة، والبنوك والتمويل، والعلوم الطبيعية، والقانون، وإدارة الأعمال، وتقنيات الاتصالات والمعلومات، والعلوم الإنسانية، والعلوم الإسلامية المتخصصة، واللغات. فهؤلاء العلماء المهنيون الذين يحملون رسالة الإسلام مع التخصص الدقيق ينعقد عليهم أمل الأمة وخيريتها. إن تجمعت تلك الفئات المتميزة من أصحاب الثقافة التكاملية التي جمعت علوم النقل والعقل معا سيكون هناك تغيير جذري في الأمة نحو تحقيق السلام العالمي والعدالة للإنسانية.

د. عبد الرحمن شـيك

أستاذ مشارك في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا



1
استحي على خالك وكأننا لانعرف الملايو وخرا اسلامهم وعنصريتهم أنا كنت دكتور في جامعتك
الصادق علي
baset111@yahoo.com
استحو أنتم والبعران الخليجيين أن تقولوا لدينا جامعات لا أستطيع أن اختصر الكلمات لأنني بحاجة لكتابة مجلدات أولا من أنشأ هذه الجامعة ‘نهم بعرانك العرب أولا وهدفها رياء وماتخرج منها واحد مؤهل وبلاش الجماهيرية الليبية جماهيرية القذافي من زمان من سنة 1971 عملت كلية الدعوة وتدرس الطب والنجارة والحديد وكل ما يخطر على بالك وبمنح دراسية لا ولها 20 جامعة مثلها في دول العالم الإسلامي والأوروبي يا لو كان الرسول من الملايو أنا أكفر به أسكت احسن اسأل أي عربي مقيم في ماليزيا استحوا يلعن أبوكم حيولنات لا تستحمرونا استحمروا أنفسكم
June 10, 2011 8:34 AM


2
اين التحضر والاخلاق في التعليق؟؟؟؟؟
الاستاذ محمد اسعد - فلسطين
mohjas@maktoob.com
لماذا كل هذا الحقد على المالايو ؟؟؟؟ ان الذي كتب التعليق السابق والذي انتحل اسم الصادق علي هو ذاته الذي علّق سابقا على احد مقالات الدكتور عبد الرحمن بن شيك باسم عبد الله وهو ايضا اسم منتحل ، وهذا الشخص الذي تخلو تعلقاته من الادب والاخلاق اما انه حاقد على المالايو واما ان يكون حاقدا على الدكتور عبد الرحمن وكما قال الشاعر ( وعين السخط تبدي المساويا ) تحية للدكتور عبد الرحمن وليخجل صاجب التعليقات البذيئة من نفسه ان كان له نفس سويّة
June 10, 2011 3:10 PM


3
مظهر من مظاهر العبادة.
سعد
سلام الله...
الحقيقة التي اشار إليها الدكتور عبد الرحمان مشكورا في مقالته هي من الأسس التي من المفروض أن تقوم عليها الحضارة الإسلامية لأنها حضارة كونية شمولية للعالمين بدون اسثتناء.كيف لا و الله جل و علا ميز العلم و العلماء عن غيرهم من بني آدم...كيف لا و قد وصفهم بأنهم الأكثر خشية من بني آدم لماذا؟ لوعيهم بحقيقة الواقع كما سطره الله عز و جل في الكتاب المقروء و كما خلقه في الكتاب المنظور...
الإنسان - المسلم أينما كان هو إنسان يعبد ربه و لا يشرك به شيئا...لأن العبادة هي سر الخلق... {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56
وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية, هي عبادتي وحدي دون مَن سواي.
فإذا كان الطبيب في عمله الذي يقوم به واضع في الاعتبار أنه خليفة الله في الأرض و أن مهمته هي إسعاف المريض بالدواء انطلاقا من العلم الذي تعلمه بعدما كان جاهلا حين ولدته أمه.فالعبادة أصلا تقوم على النية و الأجر أجران أجر دنيوي يقيم به حياته و متطلباته و أجر أخروي يفوز به بالجنة و اللهم اجعلنا من أهلها أو يلقى مصيره في النار و العياذ بالله... {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56.
فالعبادة هي السلوك الذي يصدر من الفرد من القول و الفعل إلى أن يلقى ربه.
تحيتي.
June 10, 2011 7:37 PM

تصميم عرب تايمز .... جميع الحقوق محفوظة
المقالات المنشورة ارسلت الى عرب تايمز من قبل الكاتب وهي تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي عرب تايمز